بتنسيق من المركز النوبي للسلام والديمقراطية، وبمشاركة المنظمة الإفريقية للحقوق والتنمية وحضور طيف واسع من منظمات المجتمع المدني، انعقد يوم أمس الجمعة، 28 مارس 2025، اجتماع مهم مع سعادة السفير لورانس كورباندي، المبعوث الخاص للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد) إلى السودان، وذلك بمقر المنظمة الإفريقية بكمبالا، وتناول الاجتماع قضايا الحرب والسلام في السودان، ويعد الأول من نوعه لمسؤول من (الإيقاد) مع منظمات المجتمع المدني، حيث شارك عدد كبير من ممثلي منظمات المجتمع المدني بالحضور الفعلي وأيضا عبر الإنترنت.

عبر سعادة السفير كورباندي عن سعادته بعقد هذا الاجتماع المهم مع منظمات المجتمع المدني لمناقشة الأوضاع الراهنة في السودان، خاصة في ظل التحولات السياسية والعسكرية الجارية، مؤكداً حاجة (الإيقاد) إلى معرفة رأي المجتمع المدني بشأن العملية السلمية، وكيفية إدارتها، والمسائل المتعلقة بإيقاف الحرب وتوصيل المساعدات الإنسانية للشعب السوداني، وأشاد بالدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه منظمات المجتمع المدني في العملية السياسية والإنسانية في السودان.
وأشار كورباندي إلى رغبة (الإيقاد) في سماع صوت المجتمع المدني ومقترحاته لمعالجة الأزمة السودانية، موضحا أن القضايا الأساسية تتمثل في إيقاف الحرب وتوفير المساعدات الإنسانية، حيث تعتبر منظمات المجتمع المدني الأكثر تأهيلا لذلك، نظرا لدورها المستقل والخدمي، كما شدد على ضرورة أن يكون لمنظمات المجتمع المدني صوت موحد ضد الحرب، متسائلا عن مدى قدرتها على تحقيق هذا التوافق، وأعلن كورباندي عن وجود آلية جديدة في (الإيقاد) لدعم منظمات المجتمع المدني عبر التدريب في قضايا السلام والتعايش السلمي، مؤكداً استمرار التواصل مع منظمات المجتمع المدني رغم التحديات التي تواجهها.
وأوضح كورباندي أن (الإيقاد) بادرت منذ اليوم الثاني لاندلاع الحرب في السودان إلى عقد اجتماع لرؤساء دولها، الذين أصدروا بيانا رئاسيا يطالب الأطراف المتحاربة بوقف القتال واللجوء إلى التفاوض، كما أشار إلى مشاركة (الإيقاد) في منبر جدة، واستمرار جهودها للبحث عن حلول تفضي إلى إنهاء الحرب وتحقيق السلام في السودان، وأضاف أن (الإيقاد) التي تأسست في الأصل لمكافحة الجراد والتصحر وتعزيز التنمية تواجه تحديات تمويلية كبيرة، نظرا للأزمات التي تعاني منها عدد من دولها الأعضاء، مؤكدا أن الأزمة السودانية تعد الأكبر في القارة إلى جانب أزمات جنوب السودان، الصومال، إثيوبيا، وإريتريا.
أكد كورباندي أن (الإيقاد) تعارض أي توجهات انفصالية، وتدعم وحدة السودان، مشيرا إلى الموقف القانوني للاتحاد الإفريقي، الذي لا يعترف بأي حكومة موازية في السودان، وهو موقف لا يعني الاعتراف بالحكومة القائمة حاليا.

من جانبها، رحبت منظمات المجتمع المدني السودانية بمبعوث (الإيقاد) الخاص للسودان، وأعربت عن تقديرها لعقد هذا الاجتماع، كونه الأول من نوعه لمنظمات المجتمع المدني السوداني في أوغندا مع مسؤول من (الإيقاد) منذ اندلاع الحرب، ورغم أن المبادرة جاءت متأخرة، إلا أنها تظل خطوة إيجابية، خاصة في ظل تعقيدات الأوضاع التي تواجه منظمات المجتمع المدني، وأوضحت المنظمات أن الأوضاع التي تمر بها نتيجة الحرب، والتي أثرت على أنشطتها ومبادراتها، لا تقل عن المعاناة التي يعيشها الشعب السوداني، وأصبحت هذه المنظمات تواجه نفس تحديات اللاجئين، مما يحد من قدرتها على العمل، وأعربت عن أملها في أن تضع (الإيقاد) هذه الظروف في الاعتبار، وأن تسعى الى توفير الدعم اللازم لهذه المنظمات، سواء من حيث التمويل أو الجوانب الفنية أو التسهيلات الإقليمية التي تمكنها من أداء دورها في تحقيق السلام والاستقرار في السودان.
كما أكدت المنظمات تمسكها بقرارات الاتحاد الإفريقي التي تبناها مجلس الأمن الدولي وأيدها الاتحاد الأوروبي وجهات دولية أخرى، مشيرة إلى وجود محاولات للتنصل من هذه القرارات وفرض أمر واقع على الأرض يتنافى معها، وشددت على ضرورة التزام (الإيقاد) بهذه القرارات وعدم الاعتراف بأي شرعية سياسية منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، داعية إلى إشراك منظمات المجتمع المدني في الفعاليات التي تنظمها (الإيقاد) في إطار البحث عن حلول للأزمة السودانية.

وأوضحت المنظمات أن هدفها الرئيسي يتمثل في إيقاف الحرب وتحقيق السلام، مشيرة إلى أن أي عملية سلام تستند إلى صفقات سياسية وترضيات على حساب الحقوق الأساسية للشعب السوداني لن تحقق سلاما دائما، بل ستؤدي إلى هدنة مؤقتة سرعان ما تنتهي، مما يعيد إنتاج العنف بشكل أكثر تعقيدا، وطالبت (الإيقاد) بوضع مطالب الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة في صلب أجندتها، وتنفيذ الأجندة الإفريقية دون تدخلات خارجية.
كما دعت المنظمات (الإيقاد) إلى ممارسة الضغوط اللازمة لفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية، والعمل على توفير الدعم اللازم، خاصة بعد توقف أنشطة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الذي أثر بشكل كبير على قطاعات واسعة من الشعب السوداني، وأكدت ضرورة أن تتم عملية إيقاف الحرب عبر التفاوض، بمشاركة جميع السودانيين في العملية السياسية، باستثناء نظام المؤتمر الوطني المحلول، وفقا لمبادئ (الإيقاد) القائمة على الحلول السلمية.

وأشارت المنظمات إلى أن المجتمع المدني يرفض خطابات الحرب والعنصرية، لكنه يواجه تحديات في تمثيله ضمن مبادرات وقف الحرب وتحقيق السلام في السودان، رغم أن إشراكه يعزز فرص نجاح المفاوضات، وأكدت قدرة منظمات المجتمع المدني على توحيد صوتها والضغط لإيقاف الحرب، مستشهدة بإصدارها عدة بيانات مشتركة حول الأوضاع في السودان، كما طالبت (الإيقاد) بزيارة معسكرات اللاجئين في أوغندا للوقوف على أوضاعهم والمساهمة في التخفيف من معاناتهم، خاصة فيما يتعلق بتحديات التعليم التي يواجهها الطلاب اللاجئون، بما يضمن استمرارهم في تحصيلهم الأكاديمي رغم الظروف الصعبة.
كمبالا – 29 مارس 2025