مناشدة لتمديد مهلة تقديم الإفادات: لا تغلقوا نافذة العدالة أمام ضحايا النزاع في السودان

مناشدة لتمديد مهلة تقديم الإفادات: لا تغلقوا نافذة العدالة أمام ضحايا النزاع في السودان

بورتسودان – كمبالا – جنيف – نيروبي

30/6/2025

في ظل استمرار النزاع المسلح في السودان وما خلفه من مأساة إنسانية غير مسبوقة، ومع اقتراب الموعد النهائي الذي حددته بعثة تقصي الحقائق الدولية المستقلة لتلقي الإفادات حول انتهاكات حقوق الإنسان، والمقرر في 30 يونيو 2025، يعرب المركز النوبي للسلام والديمقراطية والمكتب القيادي لمجتمع اللاجئين السودانيين في أوغندا، ومنظمات المجتمع المدني المتعاونة والمنسقة معهم، عن قلقهما العميق إزاء قصر المهلة الممنوحة لتوثيق الشهادات والإفادات، في ظل واقع بالغ التعقيد يعيشه الناجون والضحايا.

لقد أدت الحرب في السودان إلى نزوح ملايين المدنيين، وتفكك مؤسسات العدالة، وتعذر وصول الضحايا والشهود إلى منصات التوثيق بسبب انعدام الأمن، وغياب الوسائل التقنية، والصدمات النفسية المستمرة. وفي هذا السياق، لا يمكن اعتبار انتهاء المهلة الزمنية المحددة عائقاً آخر أمام من يسعون إلى إيصال صوتهم، بعد أن فقدوا الوطن والأمن والعدالة.

تواصل معنا العديد من المواطنين، من داخل السودان ومن معسكرات اللجوء في دول الجوار، مستفسرين ومطالبين بتمديد المهلة، وقد أعربت الغالبية العظمى منهم عن عدم معرفتهم المسبقة بوجود قنوات لتقديم البلاغات والإفادات إلى هذه الآلية الدولية، وأنهم لأول مرة يسمعون عنها، وهو ما يكشف عن فجوة في الوصول إلى المعلومات في ظل الانهيار المؤسسي، ويؤكد الحاجة الملحة إلى إتاحة وقت إضافي يمكن خلاله تمكين الضحايا من الإدلاء بشهاداتهم.

وتزداد أهمية تمديد المهلة في ظل استمرار أطراف الحرب في ارتكاب جرائم القتل والنهب المسلح وانتهاك الحقوق الأساسية للإنسان، ومنع وصول المساعدات الإنسانية الآمنة، مما يستدعي استمرار عمليات الإبلاغ والتوثيق، وتوفير الحماية للمدنيين، والضحايا، والشهود، وضمان المساءلة وعدم الإفلات من العقاب.

كما لا تزال الأسلحة الفتاكة تتدفق عبر الحدود، وتخزن في مناطق الحرب التي تعج بالفوضى، وسط انهيار مؤسسات الدولة وغياب كامل للمنظومة العدلية والقانونية، وهو ما يعزز دائرة العنف والمعاناة.

وفي هذا السياق، نستحضر تحذير السفير عبدول محمد، رئيس الوفد والمستشار السياسي للجنة التنفيذية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي، من خطر التقسيم الفعلي للسودان، نتيجة سعي أطراف النزاع إلى ترسيخ سيطرتهم الجغرافية، مشيرًا إلى فشل المسارات السياسية السابقة، وغياب التنسيق الدولي، وتزايد التدخلات الخارجية، لا سيما الدعوة إلى دور أفريقي موحد، وجهد دولي حقيقي، لحماية وحدة البلاد وضمان العدالة للضحايا، وهو ما يجعل من تمديد المهلة جزءًا من استحقاقات الحل العادل.

وعليه، فإننا نطالب بتسريع الخطوات والإجراءات التي من شأنها تفعيل آليات الحماية الدولية، الأممية والإقليمية، للمدنيين، والحد من تدفق الأسلحة التي تستغل في الانتهاكات وارتكاب الجرائم لا سيما في عمليات الإحلال السكاني والتشريد الجماعي، داخليًا وخارجيًا، كما ندعو إلى فتح تحقيقات فعالة ومستقلة بشأن ما ارتكب من جرائم، وبما يتوقع ارتكابه في حال استمرار الحرب.

وبناءً على ذلك، ندعو المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى تمديد مهلة تقديم الإفادات إلى بعثة تقصي الحقائق بشأن السودان، بشكل يراعي الأوضاع الاستثنائية للضحايا داخل البلاد وفي الشتات، ويمنحهم الفرصة الكاملة لتوثيق ما عاينوه من جرائم وانتهاكات.

إن تمديد هذه المهلة ليس مجرد إجراء تقني، بل هو موقف أخلاقي وإنساني يعكس الالتزام بمبادئ العدالة، وعدم الإفلات من العقاب، ويعبر عن التزام المجتمع الدولي بحماية حقوق الإنسان، لاسيما في سياقات النزاع واللجوء.

فالذين يفرون من تحت القصف، أو يعيشون في العراء بلا مأوى، أو يعانون من الفقد والرعب، لا يمتلكون دائمًا القدرة على التوثيق أو التواصل أو حتى التفكير في كتابة إفادة.

نؤكد دعمنا الكامل لبعثة تقصي الحقائق، وندعو والي هذا التمديد العادل، احتراما للضحاياً وتمكيناً لهم من الإسهام في تحقيق العدالة المنشودة.

المركز النوبي للسلام والديمقراطية

المكتب القيادي لمجتمع اللاجئين السودانيين – أوغندا

30 يونيو 2025

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top